هل للعولمة آثار إيجابية أم سلبية؟
مقالة العولمة هل هي ظاهرة إيجابية أم سلبية .
مقالة جدلية بكالوريا 2025
أهلا وسهلا بكم أعزائي في صفحة المعلم الناجح
نسعد بكم أعزائي الطلاب والطالبات في موقع المعلم الناجح كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم الاجابة على أسئلتكم المتنوعة من مناهج التعليم العربي من مصدرها الصحيح ولكم الأن إجابة السؤال ألذي يقول :-هل للعولمة آثار إيجابية أم سلبية؟
والآن أعزائي الزوار في موقع <<المعلم الناجح >> نقدم لكم الأجابة الصحيحه والنموذجية على سؤالكم وهي كالتالي . >
الإجابة الصحيحة هي :>>
مقالة العولمة:
السؤال: هل للعولمة آثار إيجابية أم سلبية؟
طرح المشكلة:
تُعَدُّ إشكالية العلاقات بين الناس من الإشكاليات الأساسية التي اهتمّ بها الفلاسفة والعلماء والمفكرون منذ القِدم، نظرا لارتباطها بأحد أهم محاور الكَون الكُبرى ألا و هو الإنسان، ذلك الكائن الحيّ الذي لا يستطيع العيش في عُزلة عن الآخرين، و من بين القضايا المتعلّقة به نذكُر العَولمة، والتي يُقصَد بها الانفتاح على العالَم في كل المجالات، سواء الثقافية أو الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو المعرفية أو الحضارية. وحول آثار العولمة ثار جِدال واسع بين المتخصصين في هذا المجال، فمنهم من يعتقد أن العولمة ظاهرة إيجابية ويجب مُسايرة أفكارها من أجل مُوَاكبة روح العصر، و منهم من يعتقد أنها ظاهرة سلبية ممّا يستوْجب عدم تَقَبُّل أفكارِها، و هذا الجدال القائم بين الفريقين يَدْفَعُنا إلى طرح التّساؤل التالي: هل العولمة ظاهرة إيجابية أم سلبية؟ وبصيغة أخرى: هل العولمة تَخدُم البشرية أم لا؟
محاولةُ حلّ المشكلة:
الأطروحة الأولى:
العولمةُ ظاهرةٌ إيجابية، فالانفتاح على العالَم خَدَمَ البشرية ثقافيا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وحضاريا، هذا ما جعل العولمة مُرَحَّبًا بها عند كثير من العلماء والفلاسفة والمفكرين الذين اعتبروها حلّا لمواجهة التحديات الراهنة والتعامل معها بحكمة، و يُمَثِّلُ هذا الموقفَ فلاسفة ومفكّرون من أمثال ماكلوهان، فرانسيس فوكوياما و برهان غليون و كينشي أوهامي و شبلي شميّل و علي أحمد سعيد المعروف بــ أدونيس و علي حرب ، وفيما يلي عَرْضٌ لحُججهم التي سَعَوْا من خِلالِها إلى إثبات صحّة ما ذهبوا إليه.
لقد كَسَرت العولمةُ الحدودَ الجغرافية التقليدية، بحيث خلقت نوعا من التقارب بين الشعوب، وفي هذا السياق يقول الفيلسوف الكَنَدي مارشال ماكلوهان:"إن الحديث عن العولمة مُفعم بالمجازات المتعلقة بالتقارب العالمي و القرية العالمية"، ومنصّة فيسبوك مظهر من مظاهر القرية العالمية التي تحدّث عنها ماكلوهان، إذْ يُمكن لشخص في الجزائر أن يتواصل مع شخص آخر في تونس بشكل فوري، فيتبادلان الأخبار والوقائع التي جرت في البَلَدَين دون عناء التنقّل.
العولمة نُقطةُ تَحوُّل في الاقتصاد والثقافة العالميين، فَبِفَضْلِها صار تبادُل السِّلع والأفكار والثقافات من بلَد إلى بَلد أمرا سهلا وسريعا، و هذه المرحلة كانت حُلما بالنسبة للفلاسفة و المفكرين في العصور الماضية، وفي ذلك يقول الفيلسوف الأمريكي الياباني الأصل فرانسيس فوكوياما:"لا توجد مرحلة قبل العولمة عرفت تبادل الخبرات و المصالح الثقافية والاقتصادية مثل العولمة، إنها مرحلة الإنسان المنشودة التي تحدثت عنها النبوءات"، و من مظاهر ذلك شركة آبل التي تأسست في أمريكا، لكن مُنْتجاتها تصل إلى جميع دول العالَم، فتكون بذلك قد ساهمت في تبادل المصالح الاقتصادية من خلال سلعِها التي تُصدِّرُها، وكذلك سببا في نقل الثقافات باعتبارها وسيلةً لذلك.
بفضل التطورات التكنولوجية التي نَتَجت عن العولمة ، حدثَت تطوّرات ثقافية كبيرة في المجتمعات، فعلى سبيل المثال، أصبح من الممكن لأي شخص في أي مكان على وجه الأرض أن يتعلم مجالات جديدة مثل التكنولوجيا و الفلسفة و العلوم ،أو حتى طرقا جديدة للتفكير من خلال الموارد المتاحة على الإنترنت مثل مقاطع الفيديو التعليمية والمقالات العلمية، و هذا ما أقرّه السياسي السُّوري برهان غليون في قوله:"إن العولمة تُحقق النمو الثقافي للمجتمعات ، لأن التدفق الذي توفره على مستويات المعلومات والأفكار يقدم لكل فرد على سطح الكرة الأرضية فرصا استثنائية للتقدم ".
تهدف العولمة إلى خدمة الإنسان بغض النظر عن عِرْقِهِ أو جنسيته، مما يعني أنها تساهم في التخلّص من العنصرية ، و هذا ما صرّح به المفكر الياباني كينشي أوهامي في قوله:"العولمة مرحلة الإنسان، ليس الأبيض و لا الأسود و لا الأصفر، بل الإنسان، فالمصل المُكتشَف في أمريكا يعالَج به المريض في البرازيل" ، فبسبب العولمة، يستطيع أي شخص مهما كانت جنسيته أن ستخدم تطبيق تويتر الذي تم تأسيسُ شركته في أمريكا.
لقد حدثَ تطوُّر كبير جدا في الدول الغربية، كل ذلك بفضل تطبيقها للأفكار التي نادت بها العولمة كالعقلانية والديمقراطية والتقدم التكنولوجي و الحرية والمساواة والعدالة، وهذا يعكس البعد الإيجابي للعولمة، يقول المفكر اللبناني شبلي شميّل:"ثورة الحضارة الغربية تجسدت في المفاهيم الحداثية التي تنادي بها العولمة". فوسائط التواصل الاجتماعي الغربية التي حقّقت رواجا كبيرا في مختلف دول العالَم مثل واتساب و أنستغرام ، يرجع السبب الرئيسي لرواجها إلى التزامها بالمبادئ التي دعت إلبها العولمة كالحرية والتقدم التكنلوجي ونبذ العنصرية.
إنّ عدم انفتاح الشُّعوب على العالَم ، يجعَلُها مُتقوقِعة حول نفسها، وبالتالي تصير شعوبا متخلّفة عن الرَّكب المعرفي والثقافي والحضاري ، و هذا ما عبّر عنه المفكّر السّوري علي أحمد سعيد المعروف بــ أدونيس، حيث قال:"كيف تسمح لنفسها هذه الشعوب بمقاطعة الإرث الحضاري للعولمة الذي ينير العالم، وترضى بالجمود الذاتي الذي ينم عن التقوقع ومقاطعة المعرفة"، و من الأمثلة التاريخية على ذلك نذكر اليابان في العصور الوسطى، حيث اتّبعت الحكومة سياسة العزل التام عن العالَم الخارجي خوفًا من التأثيرات الغربية، لكن ذلك عاد بالسّلب على سكان اليابان الذين لم يُواكبوا التطورات المعرفية والثقافية التي كانت سائدة في العالَم آنذاك.
أَنْتَجَت العولمة الإنسان التَّواصلي، الذي صار قادرًا على التواصل عبر الحدود الجغرافية والثقافية بفضل التقدم التكنولوجي، فالتقنيات التكنولوجية مثلَ الأنترنت والوسائلِ الرقميةِ تَجْعَلُ التَّفكير والعمل يتجاوزان حدود القارات والثقافات، مما يخلق نوعًا من التداخل بين المجتمعات المختلفة، ويمنح الأفراد القدرة على التفكير والعمل في سياق عالمي مُتشابك، و هذا ما تحدث عنه المُفَكِّر اللبناني علي حرب في قوله : " إنّها تَخْلُق الإنسان التواصلي الذي تُتيح له الأدمغة الآلية والتقنيات الرقمية التفكير والعمل على نحو كوكبي و بصورة عابرة للقارات"، فشخص ما في الجزائر بإمكانه أن يتواصلَ سِياسيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا مع شخص آخر في أمريكا ، وذلك بفضل الأنترنت و غيرها من الوسائل التكنولوجية المعاصرة.
لقد حاول أنصار هذه الأطروحة --من خلال براهينهم- إثباتَ صحة موقفهم القائل بأن العولمة ظاهرة إيجابية ولا بدّ من تقبُّلها.
النقد:
إن التَّصوُّرات التي قدّمها أنصار الموقف الأول تصوُّرات قَيِّمَة، لكنها تعرّضت إلى جُملة من الانتقادات نذكر من بينها أنها بالغت في تمجيد العولمة وأهملت جوانبها السلبية، والتي من بينها القضاء على الخصوصية والهوية المحلية للشّعوب، إضافة إلى الاستهلاك المُفرِط للموارد الطبيعية و زيادة التلوث بسبب النشاطات الاقتصادية التي لا تُراعي حماية البيئة.
لقد جانَبَ ماكلوهان الصّواب عندما ركّز فقط على التقارب العالَمي الذي أَحْدَثَتْهُ العولمة ، وأهمل أن هذا التقارب أدّى إلى زيادة تأثير القوى الكبرى على الأصغر منها، من الناحية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، مثل تَأثُّر الشعب الجزائري بالإنتاج السينمائي الأمريكي، وبالمنتوجات الفرنسية ، وبالعادات الاجتماعية الغربية كتعاطي المخدرات والخمر، وبالسياسة الأمريكية في الجانب الأمني، وذلك في فترة العشرية السوداء.
و كذلك فوكوياما خالَف الحقيقة حينما تناسى الأزمات السياسية والاجتماعية و الاقتصادية و الصحية التي حَدَثَتْ بسبب العولمة، مثل الأزمة السياسية الميكسيكية عام 1994 و المعروفة بأزمة النّافتا، وأزمة الهند الاجتماعية في فترة التسعينات، والأزمة المالية الأرجنتينية عام 2001، و الأزمة الصحية العالمية التي شهدها العالَم في الثمانينيات والتسعينيات بسبب مرض السيدا.
يتبع في الأسفل