0 تصويتات
منذ في تصنيف بكالوريا 2025 بواسطة (766ألف نقاط)

هل للعولمة آثار إيجابية أم سلبية؟

مقالة العولمة هل هي ظاهرة إيجابية أم سلبية .

مقالة جدلية بكالوريا 2025 

أهلا وسهلا بكم أعزائي في صفحة المعلم الناجح 

نسعد بكم أعزائي الطلاب والطالبات في موقع المعلم الناجح كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم الاجابة على أسئلتكم المتنوعة من مناهج التعليم العربي من مصدرها الصحيح ولكم الأن إجابة السؤال ألذي يقول :-هل للعولمة آثار إيجابية أم سلبية؟

والآن أعزائي الزوار في موقع <<المعلم الناجح >> نقدم لكم الأجابة الصحيحه والنموذجية على سؤالكم وهي كالتالي . >

الإجابة الصحيحة هي  :>>

مقالة العولمة:

السؤال: هل للعولمة آثار إيجابية أم سلبية؟

طرح المشكلة:

           تُعَدُّ إشكالية العلاقات بين الناس من الإشكاليات الأساسية التي اهتمّ بها الفلاسفة والعلماء والمفكرون منذ القِدم، نظرا لارتباطها بأحد أهم محاور الكَون الكُبرى ألا و هو الإنسان، ذلك الكائن الحيّ الذي لا يستطيع العيش في عُزلة عن الآخرين، و من بين القضايا المتعلّقة به نذكُر العَولمة، والتي يُقصَد بها الانفتاح على العالَم في كل المجالات، سواء الثقافية أو الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو المعرفية أو الحضارية. وحول آثار العولمة ثار جِدال واسع بين المتخصصين في هذا المجال، فمنهم من يعتقد أن العولمة ظاهرة إيجابية ويجب مُسايرة أفكارها من أجل مُوَاكبة روح العصر، و منهم من يعتقد أنها ظاهرة سلبية ممّا يستوْجب عدم تَقَبُّل أفكارِها، و هذا الجدال القائم بين الفريقين يَدْفَعُنا إلى طرح التّساؤل التالي: هل العولمة ظاهرة إيجابية أم سلبية؟ وبصيغة أخرى: هل العولمة تَخدُم البشرية أم لا؟

محاولةُ حلّ المشكلة:

الأطروحة الأولى:

          العولمةُ ظاهرةٌ إيجابية، فالانفتاح على العالَم خَدَمَ البشرية ثقافيا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وحضاريا، هذا ما جعل العولمة مُرَحَّبًا بها عند كثير من العلماء والفلاسفة والمفكرين الذين اعتبروها حلّا لمواجهة التحديات الراهنة والتعامل معها بحكمة، و يُمَثِّلُ هذا الموقفَ فلاسفة ومفكّرون من أمثال ماكلوهان، فرانسيس فوكوياما و برهان غليون و كينشي أوهامي و شبلي شميّل و علي أحمد سعيد المعروف بــ أدونيس و علي حرب ، وفيما يلي عَرْضٌ لحُججهم التي سَعَوْا من خِلالِها إلى إثبات صحّة ما ذهبوا إليه.

         لقد كَسَرت العولمةُ الحدودَ الجغرافية التقليدية، بحيث خلقت نوعا من التقارب بين الشعوب، وفي هذا السياق يقول الفيلسوف الكَنَدي مارشال ماكلوهان:"إن الحديث عن العولمة مُفعم بالمجازات المتعلقة بالتقارب العالمي و القرية العالمية"، ومنصّة فيسبوك مظهر من مظاهر القرية العالمية التي تحدّث عنها ماكلوهان، إذْ يُمكن لشخص في الجزائر أن يتواصل مع شخص آخر في تونس بشكل فوري، فيتبادلان الأخبار والوقائع التي جرت في البَلَدَين دون عناء التنقّل.  

           العولمة نُقطةُ تَحوُّل في الاقتصاد والثقافة العالميين، فَبِفَضْلِها صار تبادُل السِّلع والأفكار والثقافات من بلَد إلى بَلد أمرا سهلا وسريعا، و هذه المرحلة كانت حُلما بالنسبة للفلاسفة و المفكرين في العصور الماضية، وفي ذلك يقول الفيلسوف الأمريكي الياباني الأصل فرانسيس فوكوياما:"لا توجد مرحلة قبل العولمة عرفت تبادل الخبرات و المصالح الثقافية والاقتصادية مثل العولمة، إنها مرحلة الإنسان المنشودة التي تحدثت عنها النبوءات"، و من مظاهر ذلك شركة آبل التي تأسست في أمريكا، لكن مُنْتجاتها تصل إلى جميع دول العالَم، فتكون بذلك قد ساهمت في تبادل المصالح الاقتصادية من خلال سلعِها التي تُصدِّرُها، وكذلك سببا في نقل الثقافات باعتبارها وسيلةً لذلك.

            بفضل التطورات التكنولوجية التي نَتَجت عن العولمة ، حدثَت تطوّرات ثقافية كبيرة في المجتمعات، فعلى سبيل المثال، أصبح من الممكن لأي شخص في أي مكان على وجه الأرض أن يتعلم مجالات جديدة مثل التكنولوجيا و الفلسفة و العلوم ،أو حتى طرقا جديدة للتفكير من خلال الموارد المتاحة على الإنترنت مثل مقاطع الفيديو التعليمية والمقالات العلمية، و هذا ما أقرّه السياسي السُّوري برهان غليون في قوله:"إن العولمة تُحقق النمو الثقافي للمجتمعات ، لأن التدفق الذي توفره على مستويات المعلومات والأفكار يقدم لكل فرد على سطح الكرة الأرضية فرصا استثنائية للتقدم ".

             تهدف العولمة إلى خدمة الإنسان بغض النظر عن عِرْقِهِ أو جنسيته، مما يعني أنها تساهم في التخلّص من العنصرية ، و هذا ما صرّح به المفكر الياباني كينشي أوهامي في قوله:"العولمة مرحلة الإنسان، ليس الأبيض و لا الأسود و لا الأصفر، بل الإنسان، فالمصل المُكتشَف في أمريكا يعالَج به المريض في البرازيل" ، فبسبب العولمة، يستطيع أي شخص مهما كانت جنسيته أن ستخدم تطبيق تويتر الذي تم تأسيسُ شركته في أمريكا.

             لقد حدثَ تطوُّر كبير جدا في الدول الغربية، كل ذلك بفضل تطبيقها للأفكار التي نادت بها العولمة كالعقلانية والديمقراطية والتقدم التكنولوجي و الحرية والمساواة والعدالة، وهذا يعكس البعد الإيجابي للعولمة، يقول المفكر اللبناني شبلي شميّل:"ثورة الحضارة الغربية تجسدت في المفاهيم الحداثية التي تنادي بها العولمة". فوسائط التواصل الاجتماعي الغربية التي حقّقت رواجا كبيرا في مختلف دول العالَم مثل واتساب و أنستغرام ، يرجع السبب الرئيسي لرواجها إلى التزامها بالمبادئ التي دعت إلبها العولمة كالحرية والتقدم التكنلوجي ونبذ العنصرية.

            إنّ عدم انفتاح الشُّعوب على العالَم ، يجعَلُها مُتقوقِعة حول نفسها، وبالتالي تصير شعوبا متخلّفة عن الرَّكب المعرفي والثقافي والحضاري ، و هذا ما عبّر عنه المفكّر السّوري علي أحمد سعيد المعروف بــ أدونيس، حيث قال:"كيف تسمح لنفسها هذه الشعوب بمقاطعة الإرث الحضاري للعولمة الذي ينير العالم، وترضى بالجمود الذاتي الذي ينم عن التقوقع ومقاطعة المعرفة"، و من الأمثلة التاريخية على ذلك نذكر اليابان في العصور الوسطى، حيث اتّبعت الحكومة سياسة العزل التام عن العالَم الخارجي خوفًا من التأثيرات الغربية، لكن ذلك عاد بالسّلب على سكان اليابان الذين لم يُواكبوا التطورات المعرفية والثقافية التي كانت سائدة في العالَم آنذاك. 

            أَنْتَجَت العولمة الإنسان التَّواصلي، الذي صار قادرًا على التواصل عبر الحدود الجغرافية والثقافية بفضل التقدم التكنولوجي، فالتقنيات التكنولوجية مثلَ الأنترنت والوسائلِ الرقميةِ تَجْعَلُ التَّفكير والعمل يتجاوزان حدود القارات والثقافات، مما يخلق نوعًا من التداخل بين المجتمعات المختلفة، ويمنح الأفراد القدرة على التفكير والعمل في سياق عالمي مُتشابك، و هذا ما تحدث عنه المُفَكِّر اللبناني علي حرب في قوله : " إنّها تَخْلُق الإنسان التواصلي الذي تُتيح له الأدمغة الآلية والتقنيات الرقمية التفكير والعمل على نحو كوكبي و بصورة عابرة للقارات"، فشخص ما في الجزائر بإمكانه أن يتواصلَ سِياسيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا مع شخص آخر في أمريكا ، وذلك بفضل الأنترنت و غيرها من الوسائل التكنولوجية المعاصرة.

             لقد حاول أنصار هذه الأطروحة --من خلال براهينهم- إثباتَ صحة موقفهم القائل بأن العولمة ظاهرة إيجابية ولا بدّ من تقبُّلها.

النقد:         

           إن التَّصوُّرات التي قدّمها أنصار الموقف الأول تصوُّرات قَيِّمَة، لكنها تعرّضت إلى جُملة من الانتقادات نذكر من بينها أنها بالغت في تمجيد العولمة وأهملت جوانبها السلبية، والتي من بينها القضاء على الخصوصية والهوية المحلية للشّعوب، إضافة إلى الاستهلاك المُفرِط للموارد الطبيعية و زيادة التلوث بسبب النشاطات الاقتصادية التي لا تُراعي حماية البيئة.  

          لقد جانَبَ ماكلوهان الصّواب عندما ركّز فقط على التقارب العالَمي الذي أَحْدَثَتْهُ العولمة ، وأهمل أن هذا التقارب أدّى إلى زيادة تأثير القوى الكبرى على الأصغر منها، من الناحية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، مثل تَأثُّر الشعب الجزائري بالإنتاج السينمائي الأمريكي، وبالمنتوجات الفرنسية ، وبالعادات الاجتماعية الغربية كتعاطي المخدرات والخمر، وبالسياسة الأمريكية في الجانب الأمني، وذلك في فترة العشرية السوداء. 

          و كذلك فوكوياما خالَف الحقيقة حينما تناسى الأزمات السياسية والاجتماعية و الاقتصادية و الصحية التي حَدَثَتْ بسبب العولمة، مثل الأزمة السياسية الميكسيكية عام 1994 و المعروفة بأزمة النّافتا، وأزمة الهند الاجتماعية في فترة التسعينات، والأزمة المالية الأرجنتينية عام 2001، و الأزمة الصحية العالمية التي شهدها العالَم في الثمانينيات والتسعينيات بسبب مرض السيدا.

يتبع في الأسفل 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
منذ بواسطة (766ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
هل للعولمة آثار إيجابية أم سلبية؟
يتبع
.

نقيض الأطروحة:  
           وعلى النقيض ممّا ذهب إليه أنصار الموقف الأول، يعتقد هارولد كليمانتا و كلود ليفي ستراوس و حسن حنفي و جاك شيراك و فاندانا شيفا و محمد عابد الجابري  وغيرهُم من أنصار الموقف الثاني، أنّ  العولمة ظاهرة سلبية ، فالانفتاح على العالَم يعد عاملا من عوامل تفشي العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، مما جعل العولمة في نظر العديد من العلماء والفلاسفة والمفكرين أداة مُعَرْقِلَةً للتّكيّف مع التحديات المعاصرة. وفيما يلي مجموعة من الحجج التي تُبرّر صحة هذه الأطروحة.
       ألّف هارولد كليمانتا كتابا سمّاه أكاذيب العولمة العشر، وقد تحدّث فيه عن مخاطِر و خفايا العولمة، مُعتبرا أن الشعارات التي رفعها أنصار العولمة هي شعارات كاذبة، مثل شعار المساواة الذي يعدّ من المبادئ الأساسية للعولمة، لكنه مجرد شعار نظري وهميّ، لا وجود له في الواقع، وقد قال في ذلك:" أين تلك المساواة العالمية التي كان ينادي بها أصحاب العولمة الفاحشة ".
        وفي السياق نفسه، يذهب  كلود ليفي ستراوس إلى أن العولمة تهدّد خصوصية الدول والشعوب، إذ يقول:"لا وُجود لثقافة إنسانية كما تدعي العولمة، و إنما هناك ثقافات إنسانية". وقد قدّم مثالا توضيحيا مفاده أنّه لا يمكن تصوّر أفراد متشابهين على وجه المعمورة، يسمعون نفس الموسيقى ويلبسون نفس الملابس ويتناولون نفس الطعام ويتكلمون نفس اللغة.
        تهدف العولمة إلى الهيمنة على دول العالم الثالث من أجل تحقيق مصالحها، وذلك من خلال التحكم في التعليم بجعله تابعا للتعليم الغربي،  و إبعاد المسؤولين الوطنيين لتلك الدول  و تعويضهم بمسؤولين يكون ولاؤهم شديدا للغرب، مثل تأثير أمريكا على  الشِّيلي بعد الانقلاب  الذي أطاح بحكومة سالفادور سنة 1973 .
       العولمة تخلُق توتّرات وصراعات ثقافية واقتصادية وسياسية  بين الدول، وفي هذا يقول المفكر المصري حسن حنفي:"العولمة ليست تعاونا بقدر ما هي تباغض وتَصارُع"، ففي الجانب الثقافي؛ الثقافة المحلية مُهَدَّدة بتعويضها بالثقافات الأجنبية، وفي الجانب الاقتصادي؛ الدول الكبرى -مثل أمريكا- غالبا ما تُهَيْمِن على الأسواق العالمية مما يجعل الدول الأخرى مستاءة، و في الجانب السياسي؛ تتدخّل القِوى العالمية الكبرى في شؤون الدول الضعيفة مما يعود بالسلب على استقرار وأمن تلك الدول مثلما حدث مع العراق في فترة التدخل الأمريكي ، كلّ ذلك يعكس غياب التعاون الذي تدّعيه العولمة.
         يؤيّد السياسي والرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الطرح القائل بسلبيات العولمة، معتقدا أنها تُساهم في تفاقم بعض الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، فمن الناحية الاجتماعية تؤدي العولمة إلى تزايد الإقصاء الاجتماعي، بحيث يعاني الكثير من الناس صعوبة الاندماج في المجتمع بسبب اللامساواة و اللاعدل اللَّذَيْن أنْتَجَتْهُما العولمة، وهذا ما يؤدي إلى تزايد الجرائم. ومن الناحية الاقتصادية، فإن الانفتاح على العالَم يُهَدِّد استقرار الأنظمة الاقتصادية المحلية ، وخاصة في البلدان التي لا تملك اقتصادا قويا، يقول جاك شيراك:"من مخاطر العولمة أنها تزيد من ظاهرة الإقصاء الاجتماعي ، وتُنمي الجريمة، و تُهدّد الأنظمة الاقتصادية"، وهذا بالتحديد ما حدث في البرازيل عام 1994، حيث تزايدت الأزمات الاجتماعية والاقتصادية بسبب العولمة.
         أبْرَزَت المفكّرة الهندية فاندانا شيفا تَخَوُّفَهَا من العولمة، مُقِرًّةً بأن دعوة الدول الكبرى إلى الانفتاح على العالَم من أجل إثراء المجتمعات ثقافيا ما هي إلا غطاء يُخفي وراءه محاولة تلك الدول الكبرى السّيطرةَ الثقافية على العالَم، و قد قالت في ذلك السياق :"العولمة لا تقود إلى إخصاب المجتمعات المتنوعة، بل إنها تفرض عليها ثقافة خاصة"، مثل محاولة أمريكا التأثير على أكبر عدد ممكن من  دول العالَم ، وذلك بنشر ثقافتها عبر أفلامها السينمائية.
        لقد سعى أنصار الموقف الثاني من خلال هذه الحُجج إلى تأكيد صحة موقفهم القائل بسلبيات العولمة وضرورة عدم تَقَبُّلِ أفكارها.
          لقد سعى أنصار الموقف الثاني من خلال هذه الحُجج إلى تأكيد صحة موقفهم القائل بالعلاقة التواصليّة التفاعلية بين الأنا والآخر.  

النقد:
         استدلّ أنصار الموقف الثاني  للدفاع عن صحة موقفهم بِحُجج مقنِعة، لكنهم بالغوا في جَعْلِ العولمة ظاهرة سلبية بشكل مُطْلَق، ذلك أنّ للعولمة أيضا جوانب إيجابية باعتبارها ظاهرة عالمية ساهمت في كَسْرِ الحدود الجغرافية وتَبادُل الثقافات وتوفير الجهد والوقت.
         لم يُوَفَّق هارولد كليمانتا حين اعتبر أن غياب المساواة دليل على سلبية العولمة باعبار أنها تدعو إلى شيء ولا تُطَبِّقْهُ، ذلك أن الذين لم يُطبِّقوا مبادئ العولمة والتي من بينها المساواة؛ هم أشخاص أو مؤسسات غير مُلتزمين بالمبادئ الأخلاقية، وبالتالي فإن ممارساتهم مُناقضة لما جاء به المُنَظِّرون للعولمة ، ولا يُمَثِّلون أنصار العولمة، حتى أن أنصار العولمة أنفُسُهم استنكروا مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية.
          لقد أخطأ حسن حنفي حينما أقرّ بأن العولمة ما هي إلا تَباغُض وتصارُع بين الدول، بل بالعكس، فبِفضل الانفتاح على العالَم صارت الشعوب أقرب إلى بعضها البعض، وتَوفّرت فُرصٌ للتعاون وتَبادُل الخبرات والثقافات، مما ساعد على ازدهار المجتمعات وتَطوُّرِها في مختلف المجالات، فعلى سبيل المثال، استطاعت كوريا الجنوبية، من خلال الانفتاح على العالَم، أن تُصدّر ثقافتها إلى العالم عبر الدراما والموسيقى.
التركيب :
         و للتوفيق و الجمع  بين الموقف الأول والموقف الثاني؛ يمكن القول أن العولمة لها إيجابيات ولها سلبيات، لذلك علينا تَقَبُّل إيجابياتها و ذلك من أجل مواكبة روح العصر و التكيف مع الواقع بِـشَكْلٍ إيجابي وفعّال ، كما علينا تفادي سلبياتها حتّى لا نَفْقِدَ خصوصيتنا وهويتنا المحلية،و قد تحدّث عن هذه الفكرة المفكّر الإمراتي عبد الله عبد الخالق في إطار حديثه حول كيفية التعامل مع العولمة، حيث أقرّ أن البعض من المفكرين وقفوا موقفا وسطيا حول قضية العولمة، فتجدهم منغمسين في العولمة حينما يقتضي الأمر ذلك، ومنكمشين حينما يَلْزَمُ الأمر ذلك، و قد قال في ذلك السياق: "البعض يحاول أن يُوَفِّق بين الانغماس والانكماش"، فالانغماس يعني تقبّل العولمة و الأخذ بمعطياتها، في حين يعني الانكماش عدم تقبّل العولمة وعدم الاستفادة من مُعطياتها، و هذه المُزاوَجَة تَجعلنا نُسايِرُ مُستَجدّات العصر من جهة، و نُحافِظُ على خصوصيتنا الحضارية من جِهة أخرى. ولنأخذ مثالا عن التعليم في الجزائر، حيث يُمكِن أن نستفيد من تقنيات التعليم الحديثة لمختلف الثقافات، لكن علينا مراعاة خصوصيتنا الجزائرية. كل ذلك يؤكد أن العولمة لها إيجابيات ولها سلبيات، وعلينا أن نستفيد من إيجابياتها و أن نتجنّب سلبياتها.
حلّ المشكلة:
          و في الختام ؛ نستنتج أنّ العولمة ذاتُ وجهين، تارة تكون إيجابية وتارة تكون سلبية، والأمر الذي يُحدِّد ما إذا كانت إيجابية أم سلبية هو مدى استفادة الإنسان منها، فالشّخص الذي تعود عليه مظاهر العولمة بالنفع والفائدة فإنه يُروِّج لها و يدافع عنها ويتحدث عن إيجابياتها، لكن الشخص الذي لم يستفد منها شيئا أو كانت سببا في خسارته أو تُخالِف توجُّهاته فإنه يراها مشروعا سلبيا، و قد نبّه إلى هذه الفكرة المفكر الفرنسي سيرج لاتوش في مقال له بعنوان : " لِــعَولمة عارية" ،  إذ قال :"العولمة مُفْرِحة لبعض الناس، لكنها بالتأكيد ليست مُفْرِحة لكلّ الناس". مما يعني أنّ العولمة لا تحمل في ذاتها قيمتَها، وإنما الآخر هو الذي يمنحُها قيمتها، فإذا كانت مصدرَ نفعٍ له كان وصفُهُ لها وصفا إيجابيا، أما إذا كانت مصدرَ شرّ له فإنَّ وصفَهُ لها سيكون سلبيا. فأصحاب رؤوس الأموال يَرَوْنها مُعطى إيجابيا لأنها تخدُم مصالحهم وتزيدهم ثراءً، في حين تَراها طبقة العُمّال مُعطى سلبيا لأنها سببٌ في بطالة الكثير منهم بسبب تعويضهم بالآلات. كلّ ذلك يُثبت أن العولمة ذاتُ وجهين، وجه إيجابي ووجه سلبي، يتحدد وجهها بحسب نفعِها أو ضرِّها، فإذا كانت نافعة لقوم معينين كانت إيجابية في نظرهم، وإن كانت ضارّة لهم كانت سلبية في نظرهم.

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
1 إجابة
مرحبًا بك إلى المعلم الناجح، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...